مَنارةُ الحُسين

عملٌ جاءَ ؛ توثيقًا لجهودِ خادمِ الحسينِ (عليه السلام)

المرحومِ الحاجِ المهندس/ جميل أحمد ميرزا علي عبدالرضا

 

كانَت سُلافةُ كأسِهِ وما رَسا في فؤادِهِ فهو منارةٌ مشعةٌ تُشرقُ بشمسِ الحسين. بحثَ عن بِقاعِ الحسينِ فشادَها مِن جديد ، وتلكَ البقاعُ استحالت إلى سفنِ نجاةٍ يركبُها ببركاتِ الحسينِ عليه السلام عبَّدَ طريقَهُ إلى الفردوسِ بعُصارةِ فكرِهِ التي قدَّمها مُزجاةً في خدمةِ المَولى أبي عبدِ اللهِ عليهِ السلام.

المهندسُ المرحوم .. جميل أحمد ميرزا علي عبد الرضا. من مواليدِ سنةِ / ألفٍ وتسعمِئةٍ وتسعةٍ وستين للميلاد بحرينيُّ قدَميُّ الأصلِ والمولِد رئيسُ قسمِ التصميمِ المعماريِِّ بوَزارةِ الأشغال. المهندسُ جميل .. أفنى حياتَهُ مُبتكِرًا في فنونِ الهندسة . كانَ لا يتوقّفُ عن صُنعِ الجَديدِ والمُتقن.
كما أنّهُ عَمِلَ مُستشارًا ومُحَكِِّمًا ومُخطِطًا ، كانَ لا يَكِلُّ ولا يَمَلُّ يَعملُ منذ طلوعِ الشمسِ حتى ساعاتٍ متأخرةٍ مِنَ اليومِ ، وكأنّ أسرتَهُ الأوراقُ والأقلامُ والمساطرُ ومواقعُ الإنشاءِ ومعارضُ الأضواءِ والبلاطِ والموادُ الإنشائيةِ والمفروشات. كانَ لا يُوَفِّرُ أيَّ وَقتٍ دونَ عَمَل !!

يَتَّسِمُ جميلُنا بعِشقِهِ للحُسَينِ عليهِ السلام ، ودأبِهِ على استنهاضِ البناءِ العتيقِ للحسينياتِ والجوامعِ وتطويرِها دونَ هدمِها ؛ كي تبقى أصالتُها وعمْرُها الطويلُ شاهِدًا على تَدَيُّنِ أهلِ البحرينِ وتَمَسُّكِهِم منذُ القِدَمِ بِشَريعةِ سيّدِ المُرسَلينَ مُحمّدٍ وآلهِ الطاهرين. وكانتْ تَجرِبَتُهَ الواضحةُ مُتَجَلِّيَةً في حُسَينيةِ الإمامِ الباقرِ عليهِ السّلامُ ، بمنطقةِ بوري ، حيثُ أحالَها إلى تُحفةٍ مِعماريّةٍ تَحمِلُ هُوِيّةَ الهندسةِ البحرانيّةِ القديمة. كانت لهُ رؤيةٌ خاصةٌ في استرجاعِ الهُوِيّةِ المَحليّةِ على طابعِ الدُّورِ الدينيةِ ، حتّى إنَّهُ أنجزَ عَددًا ليسَ بالقليلِ مِنَ الحُسينياتِ والجَوامعِ والدُّورِ ذاتِ الطابعِ الإسلاميِّ . بعضُ تِلكَ الدّورِ المقدّسةِ سَيُذكَرُ في هذا الفيلمِ ، والأخرى ستكونُ بفيلمٍ تَوثيقيٍٍّ آخرَ شاملٍ لِكُلِّ أعمالِه . ما مَيَّزَ المُهَندِسَ الرّاحِلَ ؛ تواضُعُهُ واجتِماعِيَّتُهُ المُنفَتِحةُ عَلى الآخرينَ صغيرًا وكبيرا.

تُوُفِّيَ المُهندِسُ الشّابُّ في عُمْرٍ مُبَكِّرٍ بتاريخِ ثلاثينَ مِن شَهْرِ يونيو للعام ألفين وواحدٍ وعِشرينَ للمِيلاد ؛ وذلكَ بَعْدَ مُعاناةٍ استمَرَّت أربَعينَ يَومًا مِن وباءِ الكورونا (كوفيد تسعةَ عشر) رحِمَكَ اللهُ يا جميل .. وأسكنَكَ جِوارَ أبي عبداللهِ الحسينِ عليهِ السلام ، في جنّاتِ النّعيمِ ، وأنالّكَ شفاعةَ مُحمّدٍ وآلِهِ الطّيبينَ الطّاهرينَ صلواتُ اللهِ علَيهِم أَجمَعين. 

 

محمد علي العصفور | فاضل أحمد مدن